«الخليف والقيس» عادة الحج في مكة.. للنساء فقط
أفردت دارة الملك عبدالعزيز تقريراً خاصاً عن ما يسمى في الحج (الخُليف والقيس)، حيث كان للحج قديما وهج عائلي حميم يتبين من خلاله التآلف بين المسلمين والترابط، حيث يجسد أهل مكة ذلك. وقد كتب عدد من المؤرخين حول الحج عند أهل مكة، مشيرين إلى أنهم كانوا ينصبون الخيام حول مراكز أحيائهم لاستقبال الحجاج وضيافتهم، حيث يخرجون من وسط مكة إلى الضواحي ويؤجرون بيوتهم للحجاج؛ بهدف التوسعة عليهم وتوفير سكن لهم وقت الحج.
وكانت لنساء مكة المكرمة عادة منذ قديم الزمان أيام الحج، وتحديداً في يومي التروية وعرفة، التي يطلق عليها (الخليف والقيس)، حيث لا يبقى في هذين اليومين غير النساء، وأن أي رجل يرينه في مكة يوبخنه، من خلال أهازيجهن المعروفة «يا قيس يا قيس.. قوم أذبح التيس، كل الناس حجوا وأنت ما حجيت».
وفي يوم عرفة، كانت لنساء مكة مهمات محددة تتمثل في مراقبة المتخلفين من رجال مكة المكرمة عن أداء الحج، أو حتى الذهاب إلى العمل، خلال موسم الحج، لذلك عُرف ذلك اليوم تحديداً باسم (الخليف)، فضلاً عن أعباء ومهمات لم يكن يقوم بها إلا الرجال، وقد أخذت كلمة (القيس) من عبارات كانت ترددها سيدات مكة في حال وجدن أحد الرجال المتخلفين عن الذهاب للحج، وتبدأ هكذا: «يا قيسنا يا قيس، الناس حجت، وأنت هنا قاعد ليش»، لذلك فإن غالبية المتخلفين عن الذهاب إلى الحج أو خدمة الحجاج في ذلك الوقت هم من كبار السن أو المرضى، وهذا يجعل من ليلة عرفة ليلة استثنائية في حياة نساء مكة.
ولا يزال بعض من نساء مكة يحرصن في يوم عرفة على تعليم بناتهن القيام بعادة (الخليف)؛ حيث يذهبن اللائي عزمن على أحيائها للحرم على شكل تجمعات، لإقامة المحاضرات والندوات، وتناول طعام الإفطار بعد صيام يوم عرفة، الذي يمثل يوم الحج الأكبر.
ويكتظ الحرم المكي بالسواد في يوم عرفة، بسبب امتلائه بالنساء، اللائي يقدمن وجبة الإفطار لزوار الحرم الصائمين، ومن ثم يؤدين صلاة المغرب والطواف حول الكعبة، ولا يخرجن إلا بعد صلاة العشاء.