“الناتو” يعين رسميا رئيس الحكومة الهولندية أمينا عاما
عينت دول حلف شمال الأطلسي “ناتو” اليوم الأربعاء رئيس الحكومة الهولندية المنتهية ولايته مارك روته (57 سنة) أميناً عاماً جديداً، وذلك في فترة حساسة للتكتل الدفاعي مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
وقال الحلف في بيان “قرر مجلس شمال الأطلسي تعيين رئيس الوزراء الهولندي مارك روته الأمين العام المقبل لحلف شمال الأطلسي خلفاً لينس ستولتنبرغ”، مشيراً إلى أنه سيتولى منصبه في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وفي روسيا، استبعد الكرملين اليوم الأربعاء أن يغير اختيار رئيس وزراء هولندا مارك روته أميناً عاماً جديداً لحلف شمال الأطلسي “ناتو” من الموقف العام للحلف.
وكان رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته مارك روته ضمن الفوز بمنصب الأمين العام المقبل لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في مرحلة بالغة الأهمية بالنسبة إلى الحلف، بعد انسحاب منافسه الوحيد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، الأسبوع الماضي.
وكان يُتوقع أن يقوم أعضاء الحلف وعددهم 32، بتسمية السياسي المخضرم رسمياً في الأيام المقبلة، ويُنتظر أن يتولى مهمات المنصب مع انتهاء ولاية الأمين العام الحالي ينس ستولتنبرغ في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتأتي ولايته في فترة محفوفة بالأخطار لدول الحلف الغربي مع استمرار حرب روسيا في أوكرانيا ومساعي دونالد ترمب للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وبعد إعلانه ترشحه للمنصب العام الماضي عقب انهيار ائتلافه الحكومي، سرعان ما حصل روته الداعم القوي لأوكرانيا على تأييد الدول ذات الثقل مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
لكن كان عليه أن يستخدم المهارات الدبلوماسية كافة التي اكتسبها خلال قرابة 14 عاماً على رأس الحكومة في هولندا للتغلب على المعارضين بقيادة تركيا والمجر.
وتخطى روته التحفظ التركي بزيارة إلى إسطنبول في أبريل (نيسان) الماضي، قبل أن يتوصل إلى اتفاق أخيراً مع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان في قمة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع.
وبقيت النقطة الشائكة الأخيرة مع يوهانيس بعدما أثار ترشحه المفاجئ استياء أعضاء الحلف الذين كانوا يأملون في تعيين سلس لروته قبل قمة (الناتو) في واشنطن يوليو (تموز) المقبل.
وأعلن مجلس الأمن الروماني الأسبوع الماضي انسحاب يوهانيس رسمياً ودعم بوخارست لروته.
سيكون لدى روته كثير من العمل عندما يتولى مهمات منصبه خلفاً لرئيس الوزراء النرويجي السابق ستولتنبرغ، الذي قاد التحالف خلال العقود الأكثر أهمية منذ نهاية الحرب الباردة.
بعد أسابيع قليلة من بدء ولايته البالغة أربعة أعوام، سيدلي الناخبون في الولايات المتحدة بأصواتهم في انتخابات حاسمة للاختيار بين الرئيس الحالي جو بايدن وترمب.
وأثار احتمال عودة الرئيس السابق المتقلب إلى المكتب البيضوي قلق دول الحلف التي تخشى أنه قد يضعف دور واشنطن القوة العظمى باعتبارها ضامن الأمن المطلق لأوروبا.
وأجج ترمب هذه المخاوف خلال حملته الانتخابية عندما قال إنه سيشجع روسيا على مهاجمة دول (الناتو) التي لا تنفق ما يكفي على الدفاع عن نفسها.
وعلى غرار ستولتنبرغ أُشيد بتعامل روته الحذر مع ترمب خلال فترة رئاسته، عندما تردد أن نجم تلفزيون الواقع السابق فكر في سحب الولايات المتحدة من (الناتو).
وقال ستولتنبرغ خلال زيارة لواشنطن الأسبوع الماضي “أعتقد أن مارك روته مرشح قوي جداً”، مضيفاً “لديه خبرة كبيرة بوصفه رئيساً للوزراء، إنه صديق وزميل مقرب”.
وبينما قد تمثل عودة ترمب تحدياً كبيراً، فإن روته سيواجه على الضفة الشرقية للناتو التهديد الأكثر إلحاحاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقوات الكرملين حالياً تحرز تقدماً في أوكرانيا بعد أكثر من عامين من النزاع العنيف، وسيكون للأمين العام لـ(الناتو) دور رئيس في حشد المساعدات من داعمي كييف المنهكين.
في الوقت نفسه، سيتعين على روته التأكد من أن الحلف مستعد للدفاع في حال أي هجوم مستقبلي محتمل من موسكو، إذا، بل عندما، يتمكن بوتين من إعادة بناء قواته.
وسيتضمن جزء من ذلك حشد الحلفاء الأوروبيين لإنفاق مزيد على الدفاع، وهو مطلب رئيس من ترمب وغيره من القادة الأميركيين.
وأعلن (الناتو) الأسبوع الماضي أن 23 من أصل 32 دولة أعضاء حققت هدف الحلف المتمثل في إنفاق اثنين في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.
سيصبح روته الذي يطلق عليه اسم “مارك تيفلون” بالإشارة إلى أواني الطهي المضادة للالتصاق لتمكنه من البقاء في السلطة لفترة طويلة في هولندا، رابع هولندي يقود حلف شمال الأطلسي منذ خروجه من الحرب العالمية الثانية.
ألقى المحافظ الذي يتنقل على الدراجات الهوائية بثقل بلاده الاقتصادي خلف أوكرانيا في أعقاب الحرب الروسية في 2022، وقاد الجهود المبذولة لتسليم كييف طائرات مقاتلة من طراز “إف-16”.
وبينما دفعت دول “الناتو” الواقعة على الضفة الشرقية للحلف كي يتولى مرشح من دولها منصب الأمين العام للناتو، يؤكد أنصار روته أنه يدرك تماماً التهديد الذي تشكله روسيا.
ومن بين أهم الأحداث التي طبعت رئاسته الحكومة في هولندا، إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية “إم إتش-17” فوق أوكرانيا عام 2014، مما أدى إلى مقتل 298 شخصاً بينهم 196 هولندياً، في كارثة حُملت فيها المسؤولية لمقاتلين مدعومين من موسكو.