رأي

الفزيع أيقونة الأدب السعودي منذ نصف قرن!!

يعد المبدع الأستاذ خليل الفزيع من رواد كتابة القصة القصيرة في المملكة، وهو كاتب جميل يحظى بمتابعة واهتمام كبير من القراء بمختلف شرائحهم. وهو أول من نشر مجموعة قصصية في الأحساء، وتميز بتنوع مؤلفاته بين الشعر والقصة القصيرة والمقالات والسيرة وأدب الرحلات، وأخيراً الرواية التي قدم منها في السنوات الأخيرة خمس روايات هي: النعاثل. ومواجع الأيام. وبلال وبعض التفاصيل. وبراحة الخيل. والقيصرية، ولد في الأحساء عام ١٩٤١ وتخرج من معهدها العلمي عام ١٩٦٠ وعمل في وزارة المعارف ووزارة الإعلام وتلفزيون الدمام قبل أن يتفرغ للعمل في جريدة اليوم منذ صدور عددها الأول عام ١٩٦٥ حيث تدرج في العمل في صحيفة اليوم مصححًا ثم محررًا ثم سكرتيرًا للتحرير ثم مديرًا للتحرير ثم رئيسًا للتحرير.
وعمل رئيسّا لمجلس إدارة النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية.
منذ خطواته الأولى في عالم المعرفه و التعليم برز إهتمام الفزيع بالكتابة. في المرحلة الابتدائية، أظهر شغفًا بالكتب الدراسية، حتى تولى مسؤولية الإشراف على المكتبة المدرسية. كان دائم الاطلاع على أمهات الكتب المتوفرة، مما ساهم في تكوين خلفية ثقافية وأدبية واسعة لديه. هذا الشغف بالمعرفة والكتابة لم يقتصر على فترة طفولته، بل امتد ليصنع منه أحد رواد القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية.
وُلد خليل الفزيع في قرية الجشة بمحافظة الأحساء عام 1941م. كان له السبق في نشر أول مجموعة قصصية في المنطقة، مما جعله يحظى بمتابعة واهتمام كبير من القراء على اختلاف شرائحهم. وشارك في تأسيس مؤسسة العهد القطرية للصحافة عام 1973م. التي أصدرت مجلة العهد الأسبوعية والجوهرة الشهرية وكتاب العهد الدوري.
وعلى الرغم من اعتقاده بأن الصحافة الحديثة لا تعكس هموم المواطن كما كانت الصحافة الورقية القديمة، إلا أن الفزيع استطاع أن يبقى قريبًا من الناس من خلال مقالاته التي عرفها القراء لأكثر من خمسين عامًا. ويُعتبر الفزيع أيقونة للأدب السعودي، حيث جسد في رواياته قصص الأحياء الأحسائية، معبرًا عن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على الحياة في ربوعها. إلى جانب اهتمامه بالموروث الثقافي في مدينة الهفوف.
بدأت علاقة الفزيع بالكتابة أثناء دراسته في المعهد العلمي، حيث نشر مقالاته في جريدة الخليج العربي وجريدة أخبار الظهران. أصدر كتابه الأول في النقد الأدبي بعنوان “أحاديث في الأدب” في دمشق عام 1966م، ونشر أول قصصه في الستينيات في مجلة اليمامة. تضمنت أعماله الأولى “سوق الخميس”، و”الساعة والنخلة” التي صدرت في قطر عام 1977م، و”النساء والحب” عام 1978م. كما أصدر كتاب “أفكار صحفية” عن نادي الرياض الأدبي عام 1981م، ثم توالت إصداراته التي بلغت حتى الآن ٢٨ إصدارًا. نُشرت أول قصيدة له بعنوان “ترحال” في المجلة العربية، فلاقت انتشارًا واسعًا نظراً لشاعريته التي عرف بها. وصدرت له حتى الآن ٥ دواوين شعرية أخرها ديوان “شفيف الوجد” الذي صدرت طبعته الثانية هذا العام ٢٠٢٤.
من الأعمال البارزة للفزيع رواية “براحة الخيل”، التي تسلط الضوء على جوانب من التاريخ الاجتماعي والتحولات الاقتصادية والاجتماعية في حي “الكوت” بمدينة الهفوف. تحكي الرواية قصة فرحان وأسرته ومعاناتهم في ظل الفقر المدقع، وتستعرض تفاصيل حياتهم اليومية والصعوبات التي واجهتهم. وفي رواية “القيصرية” حاول الفزيع بحذر ارتياد مناطق لأول مرة في العلاقات الاجتماعية على المستوى المذهبي الذي اتسم بالتسامح والتعاون في واحة الأحساء. ورغم البداية المتأخرة للفزيع في كتابة الرواية، إلا أنه يعتبرها امتدادًا لتجربته السردية الغنية، بعد نشره لثماني مجموعات قصصية.
ويرى الفزيع أن الكتابة يجب أن تكون مستقلة عن الولاءات، وأن الكاتب يكتب ما يراه صحيحًا وذو جدوى، دون محاولة إرضاء فئة معينة. وهو يؤمن بأن رضا الناس غاية لا تدرك، لذا يكتب وفق ما يمليه عليه ضميره الأدبي. يعترف الفزيع بأن لكل رواية قراءها وذائقتها الخاصة، وأن الساحة الأدبية مليئة بالأعمال التي تحتاج إلى متابعة. ويتجلى شغفه بالأدب في متابعته المستمرة للأعمال الروائية في السعودية والخليج، معترفًا بأن المال والجاه لا يصنعان كاتبًا ناجحًا، بل الموهبة والمثابرة هما الأساس.
ويعتقد الفزيع أن روايته “براحة الخيل” ستترك بصمة في عالم الرواية. وهذا التفاؤل يعكس إيمانه بدور الأدب في توثيق التحولات الاجتماعية والثقافية، وفي إثراء الحوار الثقافي بين القراء.
برغم التحديات، يبقى خليل الفزيع رمزًا للأدب السعودي، يجسد من خلال أعماله رؤية فلسفية عميقة للتغيرات الاجتماعية والموروث الثقافي، محافظًا على إرث أدبي يعكس تنوع المملكة وثراء ثقافتها. إن الفزيع هو مثال حي على الكاتب الذي يكتب بدافع الشغف والإيمان بأهمية الرسالة الأدبية، دون التقيد بقيود السوق أو محاولة إرضاء الجميع، مما يجعل منه نموذجًا يحتذى به في الساحة الأدبية الخليجية والعربية. تجدر الإشارة أن الفزيع قد كرم من عدة جهات محلية وخليجية وعربية ومنها تكريمه في مهرجان الرواد العرب في جامعة الدول العربية بالقاهرة عام ٢٠١٢. كأحد رواد القصة القصيرة في بلاده. وكتبت عنه عدة دراسات منها. “الفزيع وعالمه القصصي”. لجاسم الجاسم و”الفزيع بين الصحافة والأدب” للدكتور محمد الصادق عفيفي و”خليل الفزيع والشعر” لمبارك بوبشيت وآخرون. و”لقاءات صحفية” لمحمد بن علي الخلفان. كما ترجمت بعض قصصه إلى الإنجليزية. وحول بعضها إلى دراما إذاعية وتلفزيونية

.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ما شاء الله استعراض شامل لجوانب مهمة من حياة كاتب مؤسس ورائد مبدع.
    الأستاذ خليل الفزيع يستاهل المزيد من التكريم والاحتفاء
    الروايات الأربع التي صدرت في وقت وجيز دليل نشاط وشغف وروح ممتلئة بالإبداع والعطاء.

  2. ما شاء الله استعراض واسع لجوانب مهمة من حياة كاتب مؤسس ورائد مبدع.
    الأستاذ خليل الفزيع يستاهل المزيد من التكريم والاحتفاء.
    الروايات الأربع التي صدرت في وقت وجيز دليل نشاط وشغف وروح ممتلئة بالإبداع والعطاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى