في معترك حياة مليئة بالصخب والهموم والمشاغل والتغيرات نحن فيها وفي كل لحظاتنا نبحث عن السعادة ؟؟ بل ونفتش عن مفهوم السعادة ؟؟ وقد نجيب على السؤال الافتراضي الآتي بمفردنا، هل المال يجلب السعادة ؟؟
يقول مايثو ريكارد البوذي المقيم في فرنسا والذي يطلق عليه الإعلام لقب ” أسعد رجل في العالم” إن الطريقة التي تمكننا جميعاً من العيش بشكل مستدام على هذا الكوكب هي ” تبني ثقافة التفكير في بعضنا البعض، ليس فقط الأشخاص الذين نعرفهم الآن، ولكن أيضاً الأشخاص الذين لم نلتق بهم أبدا!!”
حصل ريكارد على درجة الدكتوراه في علم الوراثة الخلوية، وهو مؤلف العديد من الكتب، وقد نال وسام الاستحقاق الوطني الفرنسي، وقد بلغ من العمر ٧٠ عاماً، و شارك في دراسة استمرت ١٢ عاماً حول التأمل في جامعة ويسكو نسن، فهو قليل الميول إلى المشاعر السلبية لأنه يفكر بأفكار سعيدة لمدة ١٥ دقيقة يومياً!!
إن السعادة كرحلة وليست مقام هي العيش بسلام، وتحقيق الطموحات، والتسامح مع الذات، و الإحساس بنعم الله علينا، والاستماع بتفاصيل الحياة وعمارة الأرض، والتناغم مع الواقع ولو كان مريرًا؛ لأن الدنيا أيام وهي محطات و سوف تنتهي لا محالة!!
يقول ريكارد ” لا يمكننا معرفة مستوى السعادة من خلال علم الأعصاب، ويضيف في وصف السعادة قوله: إنها المكان الذي تعود إليه بعد الصعود والهبوط، بعد الحزن والفرح!!”
والسعادة بنظر أفلاطون “يجب أن تقوم على نوع معين من التناغم والانسجام بين الرغبات والأهداف في حالة تعددها!!”
السعادة واقع وليس حلم عابر، تكمن حقيقتها في الإيمان الذي يسكن أعماق القلب؛ لأن الحياة لا تتعلق بأنفسنا واكتشاف ذاتنا فقط، فنحن نعيش في مجتمع متغير، و يجب ضبط مدى قدرتنا على معرفة الآخرين وتحملهم وتفهم أوضاعهم بل وتقبل أفكارهم و آمالهم و طموحاتهم وقيمهم، وهذا ما سوف يجعلنا سعداء؛ لأننا نحب الآخرين ويحبوننا وهنا تكمن أسرار السعادة، وبالرغم من أننا نعيش في عالم زرعت فيه القسوة والوحشية إلا أنه ينبغي علينا أن نعي أن قرار السعادة بأيدينا؛ لأن زراعة بذور الرحمة والمحبة والإنسانية سوف تجعل الناس أكثر سعادة رغم سطوة الألم وقسوة الظروف!!”
وقد نتفق أن المال لا يجلب السعادة، ولكن نحن نعيش تفاصيل تلك الرحلة، ولنا عبرة في قصة كريستينا أونايس اليونانية التي عاشت وحيدة وأسيرة لثروة تقدر بخمسة مليارات دولار وشركات طيران ولم يجلب لها المال إلا الحسرة والمرض، حيث أجبرتها الظروف النفسية بسبب الألم الوجودي في العام (١٩٨٨م) وهي في سن ٣٨ إلى الانتحار في حوض الاستحمام بنادٍ ريفي يقع على بعد ٣٠ كلم من مدينة بيونس إيريس في الأرجنتين!!
وبالرغم من أنها كانت تصرح لمن حولها في كل مرة أنها ليست سعيدة، إلا أن المال جلب لها مزيداً من الويلات، فحيثما كانت تصاب باكتئاب مزمن وحزن مرضي بل واضطرت إلى استخدام المخدرات والعقاقير المهدئة بسبب دخولها في أزمات صحية صعبة حتى فارقت الحياة!!
إذاً السعادة الحقيقية هي الاستمتاع بكل لحظات الحياة من فرح وحزن والعيش في محبة وتسامح، وتقبل الذات والرضا، وهي مسؤولية ذاتية تنبع من العطاء ، والحب، وتقبل الواقع!!