يعد العمل الخيري وسيلة من وسائل التكافل الاجتماعي الذي يسهم في رفع المعاناة عن أفراد الأمة ويحقق التوازن الاجتماعي فيما بينهم، وقد شهد القطاع الخيري في بلادنا ودول الخليج نقلة كبيرة وتطور هائل في شتى المجالات الصحية والخدمية حيث اكتسب خبرة كبيرة في إدارة المشاريع والبرامج الخيرية، وتحول من العمل الفردي إلى العمل المؤسسي المبنى على التدريب وتنمية قدرات منسوبيها بما يؤدي إلى تقديم خدمات احترافية تسهم في نهضة المجتمع.
كما أصبحت إيرادات القطاع الخيري ومصروفاتها تتم وفق نظام مالي ورقابي دقيق من الدولة يمنع من صرفها في غير البنود المخصصة لها، وبالتالي منعها من الوصول إلى يد المفسدين الذين يعيثون في الأرض فسادا وتخريبا.
ولكى لا تختطف الجمعيات الخيرية وتنحرف عن مجالها الإنساني وضعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في بلادنا القواعد والسياسات والإجراءات التي تسهم في تطوير العمل الخيري كما وكيفاً وذلك من خلال نظاماً محكماً حدد أربعة معايير لحوكمة عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية في المملكة بالإضافة إلى عقد برامج مكثفة تحت إشراف الوزارة للجمعيات غير الملتزمة بمعايير الحوكمة، وكذلك تنظيم دورات وبرامج تطويرية وتدريبية لمنسوبي الجمعيات الخيرية. وتتمثل هذه المعايير فيما يلي:
(1) السلامة المالية، لقياس كفاءة الجمعية في إنفاق المال وعدم ارتفاع النفقات الإدارية والتشغيلية، ومدى استدامة مواردها، وكفاءة أنظمتها الداخلية للحماية من الممارسات الخاطئة.
(2) الامتثال والالتزام بنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية ولائحته التنفيذية، وكذلك نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، ونظام مكافحة غسل الأموال، كذلك قياس مدى التزامها بمبادئ وممارسات الحوكمة الرشيدة.
(3) الشفافية والإفصاح، من خلال نشر القوائم المالية، ونشر أسماء القائمين على الجمعية من أعضاء مجلس الإدارة والتنفيذيين عبر موقعها الإلكتروني، إضافة تقرير سنوي شامل.
(4) جودة العمل، وقد وضعت الوزارة أدلة تعريفية توضح للجمعيات كيفية تحقيق متطلبات معيار الجودة. لا يمكن أن يقال عن هذا التطور، إلا أنه قفزة كبيرة جدا لتطوير العمل غير الربحي ورفع مستوى أداء الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية.
ومثل هذا الإشراف والتقييم والمتابعة والمعايير تحصن الجمعيات الخيرية من الوقوع في أخطاء، وبالتالي منعها في الوقوع في أحضان الجماعات الإرهابية كما سيعزز من ثقة المواطنين ورجال الأعمال في هذه الجمعيات، الأمر الذي سينعكس إيجاباً ويسهم في زيادة التبرعات والهبات، والحد كذلك من الفساد والهدر وبالتالي ستزداد فاعلية الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية.
وقد جاءت رؤية 2030 في تعزيز دور القطاع الخيري في المجتمع، حيث تسعى إلى رفع الناتج المحلي للقطاع الخيري من أقل من 1% إلى 5% وتعمل على رفع عدد المتطوعين من 11 ألف متطوع إلى مليون متطوع.
ولتحقيق أهداف الرؤية أرى أن القطاع الخيري بحاجة إلى دعم استشاري، ومتابعة مستمرة لتعزيز النجاحات ومعالجة الأخطاء والإخفاقات التي قد تظهر اثناء العمل، بالإضافة إلى التنسيق المستمر بين فريق العمل لبلورة أفكار تطويرية وإبداعية تساعد على النجاح وحصد الثمرات، وإذا نجح القطاع الخيري في تحقيق الرؤية فإنه سيحقق نهضة كبرى تسهم في خدمة المجتمع بجودة عالية.