لا أعلم لِمَا تستيقظ ذاكرتي مع حلول الليل؟؟.. كل شيء يغفو وينام إلا هي .تعبث بباحات نفسي .. صور و أحداث ووجوه .. بعثرت حنيني .. وأيقظت أنيني .. ما بالها تتبختر بصورها الجميلة .. والأليمة .. كيف أخمد نيرانها؟؟.. فقد سلبتني نومي.. مستيقظة هي .. تتجول في شراييني و أوردتي, و أنا يغالبني النوم .. تفادياً لجراحات عصفت بي.. لمرور ذكريات في خاطري , كونت شخصية حائرة مابين الماضي والمستقبل… الأيام رحلت عن عيني، ولكن لازال صدى واقعها, له رنين كرنين هاتف مُنتظرً رد مُحب … ننتظر أبطالها ليعودوا بلهفة , ولكن دون جدوى. فالذي يرحل لا يعود. وإن عاد, فليس كما كان.. سيكون كما الزجاج الذي تهشم، لا يبقى منه سوى فسيفساء تخدش جدار القلب.. هذا بالنسبة ليوم قديم عاش معك واستأصلته الذاكرة منك… وبعض الذكريات .. كانت سببا في معاناتي. لم أنسى ذلك الحنين الذي يشع في قلبي كلما مر علي الزمن.. منذ أيام الجامعة وأنا أرى نفسي تلك الصغيرة التي تحن إلى حضن والدتها. مما كان يجلب لي كثيرا من السخرية من صديقاتي . ومع أنني كنت متفوقةً دراسياً , إلا أنني كنت متأخرة نفسياً. فحساسيتي الشاذة طغت على شخصيتي , مما جعلني أنظر إلى العالم من إطار ضيق جداً, وهو إطار الأبيض والأسود, عكس صديقاتي اللواتي كن يرَيّن الحياة بمفهوم آخر ، مفهوم الطاقة الإيجابية المتجددة فيهن, واستقلاليتهن, عكسي أنا التي انتظر أمي لتختار لي حتى ملابسي . لم أكن أنا سبب معاناتي, بل أمي التي كانت تخاف علي حتى من المرآة, حينما كنت أتحدث معها وكأنها صديقة لي.. كانت أمي السبب الأول والأخير في معاناتي، فهي اعتادت على احتوائي, ودون قصد منها, نصبت نفسها ملكةً متربعة على عرش عقلي وقلبي. فحينما كانت الحياة تبحر بي إلى مرافئها لتشد ساعدي ويخضر عودي, كنت أركض إلى حضنها, حتى عجزت عن حل مشاكلي تماماً ,وتحطمت شخصيتي. حتى بعدما تزوجت وكونت أسرة, من المفروض تكون أسرة متكاملة, ولكن ينقصها تحملي المسؤولية الكاملة. بل جعلت خوفي من الدنيا يسيطر عليّ , حتى في تربية أولادي, ليكونوا صورة طبق الأصل مني … وأنا الآن لا أدري ماذا لو سلكت طريقاً آخر, بعيدا عن الحنين المفرط لماضي, والرومانسية, وذكرى والداي اللذان رحلا, لكنت اليوم ما ضللت الطريق ووقفت حائرةً بين العودة و اللاعودة . وأنا أحمل جراح معاناتي من فراقهما…. ربما ترك الزمن الجميل بصمته في خاطري, وأنا أحن إلى ما يجمعنا. أو أنني عشت الماضي بعد فوات الأوان.. ثمة خدش في الذاكرة لم يعطيني فرصة للحياة , وأنا ألملم بقايا بقلب مرهف حساس للغاية, في زمن أصبح الحجر فيه ألين من قلوب البشر.. تركت أمي في قلبي جروحا لم تداوى ، دون قصد منها تركت لي قلبا ضعيفا يخاف أن يجرح , ولكنه مجروح …. إن الماضي لن يعود, والحنين إليه ليس عيباً, ولكن العيب أن تظل قلوبنا متعلقة بهذا الماضي , ليكون حاجزاً بيننا وبين الدنيا , فربما يكون القادم أفضل بكثير, والمستقبل بيد الله, ولا شيء يبقى كما هو عليه ، كل الأشياء تغيب لترجع بأشياء أفضل .