إن للبيان أن يدون  مآثرًا ، وسيرًا  تلك التي تكتنز في أرض الجزيرة فله أن يروي قصصًا منذ أن أشرق نور الوحي ، و سطع هدي الرسالة المحمدية  ، فلم تضاء القلوب بمصباح الإسلام ، بل كل سهلٍ وجبل توقد نورًا ، ففي كل بقة حنين نبوي ، وفي كل شبرٍ مُجلد تاريخي على رفوف الحياة ، يستلهمها المرء من عبوره وتأمله ، فتزدادُ الروح وقارًا ، وتسمو شموخًا …
       لنا عزًا لا شبيه له ، متمايزًا لا نظير له ، لنا بقاعٌ من نور تهبطُ إليها قلوب العالمين فتكون الرسوخ الذي يُولدُ رسوخًا باقيًا إلى قيام الساعة ،بل و تمر عصورًا تتلوها عصور، وفي كنفِ كل منها أحاديث وعبر ، وفي قلبها خَطبُ حياة ، وخُطبٌ تُقرأ على الميادين بليغة اللغة ، فصيحة القول …إلى أن تعثر اللسان ، وغاب البيان ، و تكاتف الشرر بجموعة المتفرقة ، وتبلدت العقول  ، ليغفو صوت الحق ، وتغيب خيوط النور ؛ ولكن يأذن رب النور أن لا يستمر الغي ، و يُدْحرُ العي ، بجولة حقٍ باسلة سيوفها صارمة تُجلجل تكبيرًا ، وتهزمُ سرب الظلم عزمًا .
        ها هو يمتدُ حبرُ التاريخِ مُدونًا سريان المجد في عروقِ  الوطن أخضرًا نبيلاً ،يقلبُ بشغف صفحات العز  تلك الناصعة جلالاً ، والبهية عطاءً منذ أن شق الحق عباب الظلام ،  فَجُمِعتْ الصفوف بعد شتات، وتوحدتْ تحت راية التوحيد الشامخ ،فكان ميلاد وطن بيدِ المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود إذ لمَ الشتات ، و أوصد بأمر الله أبواب الفتن ، فأطفأ لهيب الخوف ؛ ليصبحَ للدرب أمانًا ، وللقلب طمأنينة بعد الله .
        يا وطن الشموخ الساكن في كلِ وجدٍ أصيل ، تُطلُ عليك الأعين ، وتُبصر فيك كونًا آمنًا يحوي بين جُنباته خفقات سلام ، ويُنبتُ في طينته أزاهير عبقها يحكي المجد وينشده حداء من حنين  يُصغي له الفكر ، ويردده الوجد أهازيج جمال
يتجلى  خيالاً و ما هو بخيال ،بل الذاكرة سافرت في عُمقِ الأمس ؛ تتأمل كيف لخضمِ الرمال الصاخب  في قلب الصحراء وسطوتها ، أن يتكون مجدًا تليدًا، مرسومًا في كل  زاوية من الوطن لوحةً ذات بهاء … حينما كانت خيامًا  غُرستْ في رملِ الحياة  ، وبيوتًا فاحَ منها عبق الطين  ، وحجرًا نُحت في قلبِ الجبال جسارةً وقوة …كل ذلك بات في الخيال يتلون بأمدة الكاتب ليكونَ سطرًا أدبيًا ، وبريشة الرسام حتى يصنع لوحة الشموخ .
      إن كل جزء من الوطن ينسجمُ معًا مُرددًا نشيد الحب والسلام ، ويمتد النشيد من غرب الوطن  لشرقه ، ومن شماله لجنوبه ، فيفوح مع النشيد طيب الورد الطائفي  ، مُرسلاً سلامه لزهور تبوك  و شذاه  الآسر …
        حتى النخيل في وطني يعانق الشموخ علوًا ، فيأتيك بعذقه حلوًا ، وكيف لا ؟ وغرسه من يدِ مُحب ماهر أجاد الغرس ، فأحسن الجَني ، وأطعم العابر من لذيذ أرضه الخضراء…
إن في قلبي حبٌ أخضر يتسامى برداء البهاء ، وله أن يُرتل هذا الحب حروفًا بعبقٍ أدبي المُحيا ، استلهمه من طينةِ الأرض التي تجذرتْ عشقًا في الحنايا ؛ حتى يُرسلَ فيض عبيره لكون الله ، ويُهدي للوطنِ سلامه …
فلكَ مني حبٌ زاهٍ في معانيه ، مُخلصٌ في أفعاله …
دُمتَ شامخًا يا وطني …

ابنة الوطن : سميرة علي الشريف